احمد زغلول المدير العام
عدد المساهمات : 1734 العمر : 62 الدولة : المغرب عدد النقاط : 7164 علم الدولة : الهواية : المهنة : تاريخ التسجيل : 02/12/2008 الأوسمة :
| موضوع: دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله الأحد يونيو 28, 2009 6:09 am | |
| | |
|
احمد زغلول المدير العام
عدد المساهمات : 1734 العمر : 62 الدولة : المغرب عدد النقاط : 7164 علم الدولة : الهواية : المهنة : تاريخ التسجيل : 02/12/2008 الأوسمة :
| موضوع: رد: دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله الأحد يونيو 28, 2009 6:10 am | |
| إنَّ أسلوب القرآن الكريم المعجز غير عاجز عنِ استِعْمال لفظ آخر بحق سيِّدنا يوسف - عليْه السَّلام - يليق بمقامه النَّبوي، لو كان المراد من الآية تنزيه سيِّدنا يوسف عمَّا عدَّه بعضهم إنَّ ما وقع في نفسِه خطأ لا يتناسب ومقام النبوَّة؛ لهذا لجؤوا إلى إيجاد معانٍ أُخْرى لـ "همَّ" الثَّانية، وقاموا بتأويلها. إنَّ الهمَّ في هذا المقام لا يختلف معْناه عن سابقه؛ إذِ المراد به الإرادة أيضًا، فلا داعي لمثل تلك التَّأويلات؛ لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - قد عصم سيِّدنا يوسف - عليْه السَّلام - من الوقوع في الخطأ، ونزَّهه من ارتِكابه، فعقَّب مباشرة بعد الهمِّ الثَّانية بقوله: {لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24]، والرُّؤية هنا هي الرُّؤية المجازيَّة وليست الحقيقيَّة، وهذا تعبير عن تغليب النَّاحية الإيمانيَّة على الناحية العاطفيَّة؛ بِمعنى: أنه رأى وجه الصَّواب[15] فعدل عن الوقوع في الخطأ، هذا من ناحية. ومن ناحيةٍ أُخرى، فإنَّنا مأمورون باتِّباع سيدنا محمد بأفعاله وأقوالِه وتقريراتِه، وهي الَّتي تسمَّى السنَّة النبويَّة، الدَّليل الثَّاني بعد القرآن الكريم، وهي الَّتي يجب أن نبحث فيها تفصيليًّا، أمَّا أفعال باقي الأنبِياء، فإنَّنا غير مكلَّفين بالبحث عنها إلاَّ بقدْر تعلُّق الأمر بعصمتهم؛ أي: مدى تعلُّق الأمر بالعقائد وليس بالشَّرائع المختلفة بعْضها عن بعض. يبقى هناك مَن يقول: إنَّ الهمَّ لا يعدُّ دليلاً؛ لأنَّ الرَّسول على الرَّغم من همِّه بتحْريق المتخلِّفين عن صلاة الجماعة، إلاَّ أنَّه لم يفعل ذلك؛ لأنَّ التَّحريق حرام، والرَّسول لا يفعل الحرام، وقد روى البُخاري والترمذي والنَّسائي عن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنه - قال: "بعثَنَا رسولُ الله في بعث، فقال: إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحْرِقوهما بالنَّار، ثمَّ قال رسول الله - عليْه الصَّلاة والسَّلام - حين أرَدْنا الخروج: ((إنِّي أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإنَّ النَّار لا يعذِّب بها إلاَّ الله، فإن وجدتموهُما فاقْتُلوهما))[16]. والجواب على ذلك: أنَّ هذا قد يكون من باب التَّهديد والوعيد بإيقاع عقوبة شديدة بسبب ترْك الواجب؛ لهذا فقد بوَّب البُخاري في صحيحه بابًا بعنوان: (باب وجوب صلاة الجماعة)، وأورد حديث المتخلِّفين المذكور آنفًا[17]. وهذا الوعيد والتَّهديد المقصود به إيقاع العقوبة بالآخرة وليس في الدنيا، إذ لو كان هؤلاء المتخلِّفون يستحقُّون ذلك العقاب أو الحدَّ، لما تخلَّف رسول الله عن تنفيذِه وإيقاعه، فثبت أنَّ المراد هو إيقاع التَّهديد والوعيد لما ينتظِرُهم في الآخرة من جراء ترْك صلاة الجماعة. أمَّا أحكام الأفعال التي أراد الرَّسول أن يفعلها ولم يفعلها، فهي تدور بين الاستِحْباب والإباحة. فإذا كان الفعل فعلاً تعبُّديًّا مثْل الصَّوم كما جاء في يوم تاسوعاء، فإنَّ حكم إيقاع هذا الفِعْل يكون الاستِحْباب أو النَّدب، أمَّا ما سوى ذلك فحُكْمُها الإباحة، وذلك مثل تَخْيِيره - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأصحابِه في معركة الأحْزاب بين الدِّفاع بالقتال وبين دفْع جُزْءٍ من ثمار المدينة لفكِّ الحصار عنها، فقد ورد في السِّيرة النبويَّة: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد تفاوُضِه مع عيينة بن حصن قائِد الأحْزاب رجع إلى أصحابِه، وقال لهم بعد نقاش وحوار: ((إنِّي رأيتُ العرَب قد رمَتْكُم عن قوسٍ واحدة، فأحببتُ أن أصرِفَهم عنكم، فإن أبيتم فأنتم وذاك)). ومثل قبول الهديَّة أو الهبة من أشْخاص، وعدم قبولها من آخرين بعيْنِهم لاعتبارات نفسيَّة، كإلْحاق الضَّرر المعنوي أو سوء التَّعامل الذي يترتَّب أحيانًا على قبول الهبة. روى الأمام أحمد عنِ ابن عبَّاس - رضي الله عنْهُما -: أنَّ أعرابيًّا وهب للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - هبةً فأثابه عليْها، قال: ((رضيتَ؟)) قال: لا، قال: فزاده، قال: ((رضيت؟)) قال: لا، قال: فزاده، قال: ((رضيت؟)) قال: نعم، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لقد هممتُ ألاَّ أتّهب هبة إلاَّ من قرشي أو أنصاري أو ثقفي))[18]. وأخيرًا: لا بدَّ من التَّنويه إلى أنَّ الشَّارع قد بيَّن أحكامًا تتعلَّق بِما يهمُّ بفعلِه الشَّخص المكلَّف ولا يفعله، وتفصيل ذلك في قولِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - عن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنْه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((قال الله - عزَّ وجلَّ -: إذا همَّ عبْدي بسيِّئة فلا تكْتبوها عليْه، فإن عمِلَها فاكتبوها سيِّئة، وإذا همَّ بِحسنةٍ فلم يعمَلْها فاكتبوها حسنة، فإن عمِلَها فاكتبوها عشْرًا))، وفي رواية أخرى عن ترْك السيِّئة يقول: ((إنَّما تركها من جرَّاي))[19]،، والله أعلم بالصواب. ــــــــــــــــــــــــ [1] أبوبكرالرازي:مختارالصحاح. [2] دليلالفالحين. [3] ينظرسيرةابنهشام. [4] قِرى:ضيافة. [5] فتحالباريشرحصحيحالبخاري. [6] شرحصحيحمسلمللإمامالنَّووي. [7] أحكامالقرآن،بابصلاةالجماعة. [8] ينظرالشوكاني:إرشادالفحولمنعلمالأصول. [9] الجامعلأحكامالقرآن:ج18ص19. [10] ينظرالفيروزأبادي:القاموسالمحيطمادة(خطر). [11] ينظرأبوهلالالعسكري:الفروقاللغوية:ص101. [12] المصدرالسابق:ص103. [13] سورةيوسفآية:24. [14] ينظرالمصدرالسابقص104. [15] الزمخشري:أساسالبلاغةمادة(رأى). [16] ينظر:طرحالتثريبشرحالتقريب:ج314. [17] المصدرالسابق:ج2ص308. [18] مسندالأمامأحمد:ج1ص295. [19] صحيح مسلم: ج1 ص66
نبيل حامد خضر | |
|