مرحبا بك أيها الزائر ، وصولك إلى منتدانا شرف لنا

ونسعد بانضمامك إلينا أو تسجيل الدخول إن كنت من أعضائنا الكرام
مرحبا بك أيها الزائر ، وصولك إلى منتدانا شرف لنا

ونسعد بانضمامك إلينا أو تسجيل الدخول إن كنت من أعضائنا الكرام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد زغلول
المدير العام
احمد زغلول


ذكر
عدد المساهمات : 1734
العمر : 62
الدولة : المغرب
عدد النقاط : 7164
علم الدولة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Morocco
الهواية : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Readin10
المهنة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Profes10
تاريخ التسجيل : 02/12/2008
الأوسمة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Member

دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Empty
مُساهمةموضوع: دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله   دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Icon_minitimeالأحد يونيو 28, 2009 6:09 am

دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله 2458637353_30602eb42c_o
دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله 2458335535_3a9673c5bd_o
دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله
دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله 2458335535_3a9673c5bd_o

هناك وقائع صدرتْ عن الرَّسول تبيِّن أنَّه قد همَّ بإيقاع أفعال معيَّنة؛ ولكنَّه لم يفعلها ولم تقع.
ومثل هذا نجِده في بعض أحداث السيرة النبويَّة الشَّريفة، أو بعض الأحاديث النبويَّة الشَّريفة، فهَلْ هذه الوقائع التي صدرت عن الرَّسول ولم يفعلْها يمكن عدُّها أدلَّةً على الأحْكام الشَّرعيَّة، كقوله وكفعله الصَّريح وإقراره وسكوته سواء بسواء؟ أم هي غير ذلك؟
لقد انقسم العلماء إلى قسمَين، فمِنْهم مَن عدَّه دليلاً شرعيًّا، ومنهم مَن لم يعدَّه كذلك، ولكل منهما أدلَّته وحجَجُه.
والَّذي نَميل إليْه ونحاول أن نُثْبِته هو أنَّ ما همَّ الرَّسول بفعله ولم يفعله يُعَدُّ دليلاً شرعيًّا، كباقي أقسام السنَّة النبويَّة الشَّريفة المعروفة، وهو واحدٌ منْها أو يمكن أن يكون منضوِيًا تَحت قسم من أقْسامِها.
يقال: همَّ بالشيء؛ أي: أراده[1]، وفي الصَّحيح قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((إنَّ الله كَتَب الحسنات والسَّيِّئات، ثمَّ بيَّن ذلك، فمَن همَّ بِحسنةٍ فلَم يعملْها، كتبَها الله - تبارك وتعالى - عِنْدَه حسنة كاملة ....)) الحديث.
قال محمَّد بن علان المكِّي: "فمَن همَّ بِحسنةٍ؛ أي: أرادَها وترجَّح فِعْلُها عنده"[2].
إنَّ هذا القسم من السنَّة النبويَّة الشريفة يَرِد بأحد طريقَين:
إمَّا بالصِّيغة اللَّفظية لمادَّة "همّ" أو مشتقَّاتها، كما هو الحال في بعْض أقوالِه - عليْه الصَّلاة والسَّلام - مثل: ((هممت)).
أو أن تدلَّ وقائع الأحْوال على همِّه بفِعْلٍ معيَّن من دون استعمال تلك المادة اللفظيَّة؛ كقوله - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((لئِنْ بقِيت إلى قابلٍ لأصومنَّ تاسوعاء))، فإنَّ هذا يدلُّ على أنَّه أراد صوْم يوم تاسوعاء؛ ولكنَّه لم يفعلْه، أو لَم يقع فعلُه بسبب وجود عارضٍ معيَّن، وهو وفاتُه - عليْه الصَّلاة والسَّلام - قبل حلول العام.
ومثل همِّه - عليْه الصَّلاة والسَّلام - بإِعْطاء ثلُث ثمار المدينة[3] إلى عيينة بن حصن قائد الأحزاب عند تفاوُضه معه، مقابل فتْحِه الحصار الذي ضربه على المدينة وتراجُعِه عنها.
ولكنَّ فِعْلَه هنا - عليْه الصَّلاة والسَّلام - لَم يقع ولم يُمض ما تفاوض عليْه؛ بسبَب وجود عارضٍ معيَّن، وهو امتِناع أصحابه بعد استشارتِهم عن قبول إعْطاء ثلث ثمار المدينة، وتبرعهم بالقتال بدلاً عن ذلك قائلين: "إنَّا كنَّا في الجاهليَّة لا نعطيهم الشيءَ إلاَّ عن قِرى[4] أو بيْع، الآن وقد أعزَّنا الله بالإسلام، والله لا نعطيهم إلاَّ السَّيف".
إنَّ أغْلَب علماء المسْلِمين عدُّوا همَّ الرَّسول - عليْه الصَّلاة والسَّلام - بالفِعْل دليلاً شرعيًّا يصحُّ الاستِدلال به على الأفْعال والأحداث المختلفة؛ أي: كأنَّه قد وقع منه - عليْه الصَّلاة والسَّلام - ذلك الفعل، أو كأنَّه قد أمر به، واستنبطوا من ذلك الأحْكام المختلفة.
فمثلاً قد استدلَّ ابْنُ حجر العسْقلاني على جواز مباغتة أهْل الجرائم على حين غِرَّة، من الحديث الَّذي رواه البخاري في صحيحِه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والَّذي نفسِي بيدِه، لقد هممتُ أن آمُر فِتْياني فيجمعوا حطبًا، ثمَّ آمُر رجُلاً يؤمُّ النَّاس، ثمَّ أُخالِف إلى رجالٍ يتخلَّفون عن الصَّلاة، فأحرِّق عليهم بيوتَهم)) الحديث.
إذ قال: "وفيه جواز أخْذ أهل الجرائم على غرَّة؛ لأنَّه - عليْه الصَّلاة والسَّلام - همَّ بذلك في الوقْت الَّذي عهد منْه فيه الاشتِغال بالصَّلاة بالجماعة، فأراد أن يبْغتهم في الوقْت الذي يتحقَّقون أنَّه لا يطرُقُهم فيه أحد"[5].
واستخْرج الإمام النَّووي أحكامًا أُخْرى من الحديث المذْكور آنِفًا بِرواية مسلم عن أبِي هُرَيْرة - رضِي الله عنْه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ولقد هَمَمْتُ أن آمُر بالصَّلاة فتُقام، ثمَّ آمُر رجُلاً يصلِّي بالنَّاس، ثم أنطلِق معي برجالٍ معهُم حزم الحطب إلى قومٍ يتخلَّفون عن الصَّلاة، فأحرِّق عليهم بيوتَهم بالنَّار)).
إذْ إنَّه قال: "وفيه أنَّ الأمام إذا عرض له شغل يستخلف مَن يصلِّي بالنَّاس، وإنَّما همَّ بإتيانِهم بعد إقامة الصَّلاة؛ لأنَّ بذلك الوقْت يتحقَّق مُخالفتُهم وتخلُّفهم، فيتوجَّه اللَّوم عليْهم، وفيه جواز الانصِراف بعد إقامة الصَّلاة لعذر"[6].
إنَّ تلك الأحكام - وهي جواز الإنابة عن الإمام في الصَّلاة في حال انشغاله، وجواز الانصِراف بعد إقامة الصلاة لعُذْر، وغيرها - جاءت بناءً على دلالة ما همَّ الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بِفِعْله ولم يفعَلْه، كما هو واضح من كلام النَّووي؛ إذ إنَّ الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لا هو أنابَ عنْه أحدًا في تلك الصَّلاة، ولا هو انصرف بعد إقامتِها.
ونلاحظ أنَّ علماء من أمثال النَّووي وابن حجر يتعاملان مع الحديث ويَستنبطان منه الأحْكام الشَّرعيَّة المختلفة دونما حاجة إلى إقامة الحجَّة على أنَّ ما همَّ الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بفِعْله ولم يفعله هو دليل شرعي، وكأنَّ الأمر من البداهة في الاحتِجاج به بِحيث لا يحتاج إلى مزيد بيان، أو حتَّى لفت نظر.
في حين نرى علماء آخرين مثل ابن دقيق العيد يلفت النَّظر إلى أن ما همَّ الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بِفِعْله ولَم يفعَلْه يُعَدُّ حجَّة شرعيَّة، يُمكن إقامتُها على الحوادث والقضايا الَّتي تواجه الإنسان في حياتِه، معلِّلاً ذلِك بأنَّ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يهمُّ بفِعْلٍ إلاَّ إذا كان ذلك الفِعْل جائزًا؛ لأنَّ هذا ما يقتضيه مقام نبوَّته ورسالته.
ونراه يستدلُّ من الحديث المذْكور آنفًا على وجوب صلاة الجماعة وجوبًا عينيًّا، ويردُّ على مخالفيه من خلال مناقشة تلك الحجَّة؛ إذ يقول: "ومما أُجيب به عن حجَّة أصحاب الوجوب على الأعْيان ما قاله القاضي عياض - رحمه الله -: والحديث حجَّة على داود لا له؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - همَّ ولم يفعل، ولأنَّه لم يُخْبِرهم أنَّ مَن تخلَّف عن الجماعة فصلاتُه باطلة غير مُجْزِئة، وهو موضع البيان.
وأقول: أمَّا الأوَّل فضعيف جدًّا، إن سلَّم القاضي أنَّ الحديث في المؤمنين؛ لأنَّ النَّبيَّ لا يهمّ إلا بِما يجوز له ِفعلهُ لو َفَعَله، وأمَّا الثَّاني فهو قولُه: ولأنَّه لَم يُخْبِرهم أن مَن تخلَّف عن الجماعة فصلاتُه غير مُجْزِئة، وهو موضع البيان، فلقائل أن يقول: البيان قد يكون بالتَّنصيص وقد يكون بالدِّلالة، ولمَّا قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ولقد هممْتُ ..)) إلى آخره، دلَّ على وجوب الحضور للجماعة، فإذا دلَّ الدَّليل على أنَّ ما وجب من العِبادة كان شرطًا فيها غالبًا، كان ذِكْرُه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لهذا الهمِّ دليلاً على وجوب الحضور، وهو دليل على الشَّرطيَّة، فيكون ذِكْر هذا الهمِّ دليلاً على لازِمِه، وهو وجوب الحضور، ووجوب الحضور دليلاً على لازمِه، وهو الاشتراط، فذِكْر هذا الهمِّ بيان للاشتِراط بهذه الوسيلة، ولا يشترط في البيان أن يكون نصًّا كما قُلْنا، إلاَّ أنَّه لا يتمُّ هذا إلاَّ ببيان أنَّ ما وجب في العبادة كان شرطًا فيها، وقد قيل: إنَّه الغالب"[7].
أمَّا الذين ناهضوا دلالة ما همَّ الرَّسول - صلى الله عليْه وسلَّم - بفِعْله ولم يفعله، واعترضوا على حجِّيَّتها فقد قالوا: إنَّ الهمَّ هو شيْءٌ خطر على البال ولم يُنجز، فلا يعدُّ دليلاً[8]، وأوْردوا قولَه - تعالى -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] حجّة لهم؛ إذ إنَّ ما همَّ به ولم يفعلْه لَم يُؤْتِنا إيَّاه؛ لأنَّه لم يقع.
وهذا الاعتِراض في غير محلِّه؛ لأنَّ الهمَّ من الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يأتي وقد اقترن به دليل قولي صريح؛ لذلك فإنَّه مع وجود الدليل القوْلي يكون الهم قد خرج من كونه شيئًا خطر على البال - إن صحَّ هذا التَّعريف - إلى شيءٍ مصرَّح به ومعلن عنْه، فلو كان شيئًا قد خطر على البال فقط، لَما علِمْنا به؛ لأنَّ محلَّه سيكون ذهن صاحبِه، فلا سبيل لعلمنا به، ولكن مع الإعلان والتَّصريح أصبح دليلاً قوليًّا.
أمَّا الآية فإنَّ الإيتاء فيها معناه: إعطاء الأمر، وليس معناه إعطاء الفعل وإنجازه، قال القرطبي: "قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]، وإن جاء بلفْظ الإيتاء وهو المناولة، فإنَّ معناه الأمر؛ بدليل قوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فقابله بالنَّهي، ولا يقابل النَّهي إلا بالأمر، والدَّليل على فهْم ذلك ما ذكرْناه قبل مع قولِه - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((إذا أمرتُكُم بأمر فأتُوا منه ما استطعتُم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))"[9].
فضلاً على أن تعريف الهمِّ بأنَّه ما خطر على البال، تعريف فيه نظر، فلا يقال "هممت" بمعْنى ما خطر على بالي؛ لأنَّ الخاطر هو الهاجس والخواطر هي هواجس[10] النَّفس، وأحاديثها التي هي معْفو عنْها في أحكام الشَّريعة.
إنَّ الهمَّ هو من أقْسام العزم، الَّذي فيه من الإرادة ما يستطيع بها المرْء الإقْدام على الفعل[11]، يقول أبو هلال العسكري: "إنَّ الهمَّ آخر العزيمة عند مواقعة الفعل"[12].
وهناك من حاول أن يجعل للهمِّ معانيَ أُخْرى؛ محاولة منه إبْعَاد الشبهة عن سيِّدنا يوسف - عليْه السَّلام - وتأويلاً لقولِه - تعالى -: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}[13]، قائلين: إنَّ الهمَّ الأول هو السَّعي والإرادة، أمَّا الثَّاني فهو الدَّفع والممانعة، ومنهم من قال: إنَّ امرأة العزيز عزمتْ على الفاحشة، أمَّا سيِّدنا يوسف فقد اشتهاها من غير عزيمةٍ؛ لأنَّ الأنبياء معصومون، ولا يعزِمون على الفاحشة[14]، وغير ذلك من الأقْوال.
قالوا ذلك مع أنَّ القرآن الكريم اسْتَعمل مادَّة "همّ" لكلٍّ مِن طرفي الحدث؛ أي: إنَّ المشاعر نفسَها والأحاسيس ذاتَها قد اعْتَلجت نفسيهما، وهي مشاعر وأحاسيس بشريَّة تنبع من معينٍ واحد هو الجبلَّة التي خُلِق عليْها الإنسان السوي، إن شاء استعْملها في الخير، وإن شاء استعْملها في الشَّرِّ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد زغلول
المدير العام
احمد زغلول


ذكر
عدد المساهمات : 1734
العمر : 62
الدولة : المغرب
عدد النقاط : 7164
علم الدولة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Morocco
الهواية : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Readin10
المهنة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Profes10
تاريخ التسجيل : 02/12/2008
الأوسمة : دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Member

دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Empty
مُساهمةموضوع: رد: دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله   دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله Icon_minitimeالأحد يونيو 28, 2009 6:10 am

إنَّ أسلوب القرآن الكريم المعجز غير عاجز عنِ استِعْمال لفظ آخر بحق سيِّدنا يوسف - عليْه السَّلام - يليق بمقامه النَّبوي، لو كان المراد من الآية تنزيه سيِّدنا يوسف عمَّا عدَّه بعضهم إنَّ ما وقع في نفسِه خطأ لا يتناسب ومقام النبوَّة؛ لهذا لجؤوا إلى إيجاد معانٍ أُخْرى لـ "همَّ" الثَّانية، وقاموا بتأويلها.
إنَّ الهمَّ في هذا المقام لا يختلف معْناه عن سابقه؛ إذِ المراد به الإرادة أيضًا، فلا داعي لمثل تلك التَّأويلات؛ لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - قد عصم سيِّدنا يوسف - عليْه السَّلام - من الوقوع في الخطأ، ونزَّهه من ارتِكابه، فعقَّب مباشرة بعد الهمِّ الثَّانية بقوله: {لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24]، والرُّؤية هنا هي الرُّؤية المجازيَّة وليست الحقيقيَّة، وهذا تعبير عن تغليب النَّاحية الإيمانيَّة على الناحية العاطفيَّة؛ بِمعنى: أنه رأى وجه الصَّواب[15] فعدل عن الوقوع في الخطأ، هذا من ناحية.
ومن ناحيةٍ أُخرى، فإنَّنا مأمورون باتِّباع سيدنا محمد بأفعاله وأقوالِه وتقريراتِه، وهي الَّتي تسمَّى السنَّة النبويَّة، الدَّليل الثَّاني بعد القرآن الكريم، وهي الَّتي يجب أن نبحث فيها تفصيليًّا، أمَّا أفعال باقي الأنبِياء، فإنَّنا غير مكلَّفين بالبحث عنها إلاَّ بقدْر تعلُّق الأمر بعصمتهم؛ أي: مدى تعلُّق الأمر بالعقائد وليس بالشَّرائع المختلفة بعْضها عن بعض.
يبقى هناك مَن يقول: إنَّ الهمَّ لا يعدُّ دليلاً؛ لأنَّ الرَّسول على الرَّغم من همِّه بتحْريق المتخلِّفين عن صلاة الجماعة، إلاَّ أنَّه لم يفعل ذلك؛ لأنَّ التَّحريق حرام، والرَّسول لا يفعل الحرام، وقد روى البُخاري والترمذي والنَّسائي عن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنه - قال: "بعثَنَا رسولُ الله في بعث، فقال: إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحْرِقوهما بالنَّار، ثمَّ قال رسول الله - عليْه الصَّلاة والسَّلام - حين أرَدْنا الخروج: ((إنِّي أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإنَّ النَّار لا يعذِّب بها إلاَّ الله، فإن وجدتموهُما فاقْتُلوهما))[16].
والجواب على ذلك: أنَّ هذا قد يكون من باب التَّهديد والوعيد بإيقاع عقوبة شديدة بسبب ترْك الواجب؛ لهذا فقد بوَّب البُخاري في صحيحه بابًا بعنوان: (باب وجوب صلاة الجماعة)، وأورد حديث المتخلِّفين المذكور آنفًا[17].
وهذا الوعيد والتَّهديد المقصود به إيقاع العقوبة بالآخرة وليس في الدنيا، إذ لو كان هؤلاء المتخلِّفون يستحقُّون ذلك العقاب أو الحدَّ، لما تخلَّف رسول الله عن تنفيذِه وإيقاعه، فثبت أنَّ المراد هو إيقاع التَّهديد والوعيد لما ينتظِرُهم في الآخرة من جراء ترْك صلاة الجماعة.
أمَّا أحكام الأفعال التي أراد الرَّسول أن يفعلها ولم يفعلها، فهي تدور بين الاستِحْباب والإباحة.
فإذا كان الفعل فعلاً تعبُّديًّا مثْل الصَّوم كما جاء في يوم تاسوعاء، فإنَّ حكم إيقاع هذا الفِعْل يكون الاستِحْباب أو النَّدب، أمَّا ما سوى ذلك فحُكْمُها الإباحة، وذلك مثل تَخْيِيره - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأصحابِه في معركة الأحْزاب بين الدِّفاع بالقتال وبين دفْع جُزْءٍ من ثمار المدينة لفكِّ الحصار عنها، فقد ورد في السِّيرة النبويَّة: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد تفاوُضِه مع عيينة بن حصن قائِد الأحْزاب رجع إلى أصحابِه، وقال لهم بعد نقاش وحوار: ((إنِّي رأيتُ العرَب قد رمَتْكُم عن قوسٍ واحدة، فأحببتُ أن أصرِفَهم عنكم، فإن أبيتم فأنتم وذاك)).
ومثل قبول الهديَّة أو الهبة من أشْخاص، وعدم قبولها من آخرين بعيْنِهم لاعتبارات نفسيَّة، كإلْحاق الضَّرر المعنوي أو سوء التَّعامل الذي يترتَّب أحيانًا على قبول الهبة.
روى الأمام أحمد عنِ ابن عبَّاس - رضي الله عنْهُما -: أنَّ أعرابيًّا وهب للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - هبةً فأثابه عليْها، قال: ((رضيتَ؟)) قال: لا، قال: فزاده، قال: ((رضيت؟)) قال: لا، قال: فزاده، قال: ((رضيت؟)) قال: نعم، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لقد هممتُ ألاَّ أتّهب هبة إلاَّ من قرشي أو أنصاري أو ثقفي))[18].
وأخيرًا:
لا بدَّ من التَّنويه إلى أنَّ الشَّارع قد بيَّن أحكامًا تتعلَّق بِما يهمُّ بفعلِه الشَّخص المكلَّف ولا يفعله، وتفصيل ذلك في قولِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - عن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنْه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((قال الله - عزَّ وجلَّ -: إذا همَّ عبْدي بسيِّئة فلا تكْتبوها عليْه، فإن عمِلَها فاكتبوها سيِّئة، وإذا همَّ بِحسنةٍ فلم يعمَلْها فاكتبوها حسنة، فإن عمِلَها فاكتبوها عشْرًا))، وفي رواية أخرى عن ترْك السيِّئة يقول: ((إنَّما تركها من جرَّاي))[19]،، والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــــــــ
[1] أبوبكرالرازي:مختارالصحاح.
[2] دليلالفالحين.
[3] ينظرسيرةابنهشام.
[4] قِرى:ضيافة.
[5] فتحالباريشرحصحيحالبخاري.
[6] شرحصحيحمسلمللإمامالنَّووي.
[7] أحكامالقرآن،بابصلاةالجماعة.
[8] ينظرالشوكاني:إرشادالفحولمنعلمالأصول.
[9] الجامعلأحكامالقرآن:ج18ص19.
[10] ينظرالفيروزأبادي:القاموسالمحيطمادة(خطر).
[11] ينظرأبوهلالالعسكري:الفروقاللغوية:ص101.
[12] المصدرالسابق:ص103.
[13] سورةيوسفآية:24.
[14] ينظرالمصدرالسابقص104.
[15] الزمخشري:أساسالبلاغةمادة(رأى).
[16] ينظر:طرحالتثريبشرحالتقريب:ج314.
[17] المصدرالسابق:ج2ص308.
[18] مسندالأمامأحمد:ج1ص295.
[19] صحيح مسلم: ج1 ص66


نبيل حامد خضر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دلالة ما همَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفعله ولم يفعله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيفية غسل ودفن الرسول-صلى الله عليه وسلم-
» لمحات من اخلاق الرسول-صلى الله عليه وسلم-
» من احرج اللحظات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم-
» 100 خصله انفرد بها الرسول صلـــ الله عليه وسلم ـــــــى
» من جوانب الاعجاز في حياة النبي_ صلى الله عليه وسلم -

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الساحة الاسلامية :: منتدى نصرة رسول الله ~صلى الله عليه وسلم ~-
انتقل الى: