فهذا أول موضوع لي بهذا القسم ؛؛ أرجو أن ينال إعجابكم ورضاكم ، وأتمنى أن لا تبخلوا علي بتعليقاتكم ونقدكم البناء لتصويب ما ترونه خطأ وتحسين ما ترونه رديئا .. والشكر موصول لكم
-------------------------------------
تقديم :هي طفلة في ربيعها العاشر ،كان قدرها أن ترى النور في أرض لا يعرف أهلها معنى للسلم والاستقرار .. شهدت مصرع أبيها ؛ وبالأمس أشلاء أمها و إخوتها ، فأمست وأختها وحيدتين إلا من عطف الله ورحمته .
-------------------------------------
عادت الطفلة من بيت الجيران وفي يدها قرطاس شمع ؛ أشعلت شمعة ووضعتها على مائدة صغيرة منزوية في أحد أركان الغرفة ، فانبعث منها ضوء خافت يتراقص بفعل الرياح التي تجتاح المنزل من كواه ، فيسمع لها صرير اشبه ما يكون بزئير الاسود في الادغال ، ارتعشت الطفلة وقد ازدادت وحشتها ؛ فاتجهت الى خزانتها المهترئة ، وأخرجت من أحد رفوفها رزمة أوراق كانت قد هجرتها منذ ان اجبرتها الظروف على ترك مدرستها خوفا على حياتها .. وضعتها على المائدة ؛ وأتت بقلم كي تكتب ..
- ماذا ستكتبين ؟؟؟ سؤال قفز إلى ذهنها فأربكها ؛ الحق أنها لم تفكر في الإجابة من ذي قبل ..
- سأكتب ، سأكتب أي شيء ، سأكتب عن إحساسي ومعاناتي ، و رعب دائم يقض مضجعي ويهجم على سعادتي فيحيلها شقاءا .. سأكتب عن لحظات الفراق التي لازالت غصة في حلقي تدمي فؤادي و تجري مدامعي .. سأحكي عن مرارة الخذلان التي اجترها وبني شعبي ، حين تطعن في ظهرك ممن حسبته امدا طويلا خلا إلى جانبك .. باختصار ، سأكتب عن واقعي الذي يتكرر كل يوم .. حياتي الرتيبة التي غدت جوفاء بلا معنى يذكر .. سأكتب كل شيء !
- حسنا .. ستكتبين ، ولكن .. هل فكرت في قارئ سطورك ؟؟ وهل سيبدي بعدها ما يسرك ؟؟
أطرقت هنيهة ، ثم بان الجواب في صورة دمعة سخينة انحدرت على خدها .. دفنت وجهها بين كفيها الصغيرتين ؛ وأجهشت بالبكاء .. ثم تناولت قلمها فكسرته ، وعمدت إلى أوراقها فأحرقتها وهي تتمتم : لا فائدة ، لا فائدة .. الكل منهمك بذاته .. ألا فلتنكمشي على نفسك .. وليسع صدرك استعار إحساسك ..
رجعت إلى مكانها في ركن الغرفة .. كفت دموعها ، اخذت نفسا عميقا وتمتمت :
" إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا " ثم تمددت على الفراش لتنام ليلة اخرى على ازيز الطائرات وقصف المدافع ..
----------------------------
مخرج :
من وجد الله فماذا فقد ؟! ومن فقد الله فماذا وجد ؟!